12:00 | 12 مايو 2017
رئيس مجلس الإدارة
الإشراف العام
محمد عشماوي
رئيس التحرير
منى الطراوي

|شمس مصر|.. من تاجر حرير لإمام أهل الرأي

2021/12/12 11:38 PM | المشاهدات: 529


|شمس مصر|.. من تاجر حرير لإمام أهل الرأي
محمد السحيلي

الإمام أبو حنيفة النعمان هو إمام الأئمة الأربعة وصاحب المذهب الحنفي وهو أول من حدد مبدأ الفقه وسبق الإمام مالك بعشر سنوات، والإمام الشافعي بجيل، والإمام أحمد بمئهطة عام، وعظماء العلماء يستفيدون من إرثه عندما يأخذون على عاتقهم مهمة دراسة الفقه.

° مولده: أجمع العلماء أنه وُلد في العام ال٨٠ ه‍ وهناك رواية أخرى أنه وُلد في العام ٦١ه‍، ولكن لامؤيد لهذه الرواية لأنها لا تتناسب مع نهاية حياته.

° الاسم والنسب: أبو حنيفة هو كِنية للنعمان وهو فارسي النسب من بلاد فارس، والده هو ثابت بن زوطي الفارسي، وأسرته تتمتع باليسر والثروة ولها مكانة مَكنت جد أبو حنيفة من أن يهدي الخليفة علي بن أبي طالب رضي الله عنه حلوى الفالوذج.. التي كان لا يأكلها إلا أهل اليُسر كما جاء في الكثير من ترجمات حياة أبي حنيفة.

° نشأته: نشأ بالكوفة وتربى بها وعاش معظم حياته بها، وقد فتحت عين أبو حنيفة وأشع عقله فانكشفت له الآراء.. فدخل في الجدال وكل ذلك جعله يبرع في علم الكلام والجدل، أقر العلماء أجمعين، وصرّحت كُتب التاريخ بأن والده وُلد على الإسلام، فقد نشأ أبو حنيفة في بيت إسلامي خالص، وكان والده تاجرًا ميسورًا، وكان أبو حنيفة كثير التردد على الأسواق، وقل تردده على مجالس العلم ولكنه بعد ذلك حفظ القرآن الكريم.

° صفاته: كانت له القدرة على الإفتاء والتدريس وحل المُشكلات الدقيقة التي تُعرض عليه، وكان له مع ذلك معرفة في علم الكلام والجدل، كان عظيم الأمانة شديدًا على نفسه في كل ما يتصل بها، كان سمحًا قد وقاه الله شح نفسه ثري النفس، لم يستول عليه الطمع الذي يفقر النفوس.. كان بالغ التدين شديد التنسك عظيم العبادة يصوم النهار ويُقيم الليل، وكانت هذه الصفات مجتمعة أثرها في معاملاته التجارية، حتى كان غريبًا بين التُجار، ولقد شبهه الكثيرون بأبي بكر الصديق.

 

إقرأ أيضًا/|شمس مصر|.. الكلبة التي قتلت أهلها

 

° مصادر العقيدة عند الإمام أبي حنيفة: 

إن مسائل أصول الدين قد بينها الله ورسوله في أمـور الإعتقـاد مـن أعـظـم مـا بلـغـه الـرسـول ﷺ وبينـه للناس بل هو من أعظم ما أقام الله به الحجة على عباده بالرسل الذين بينوه، وعلى هذا قام الصحابة بإتباع كلام الله والاقتداء بهدي الرسول ﷺ

قال المقريزي: (لم يكن عند أحد ما يُستدل به على وحدانية الله تعالى وعلى إثبات نبوة محمد ﷺ سوی كتاب الله)

فمنهم استمدوا معلوماتهم عن الله والملائكة والكتب والرسل.. إلخ وكلها جميعًا في القرآن والسنة وعلى هذا المنهج قام التابعون ومن تابعوهم إلى اللجوء لكتاب الله والسنة الصحيحة فهما المصدران الأساسيان عنده في قضايا الدين عامة والاعتقاد خاصة.

وأيضًا من مصادر العقيدة رأي الصحابة:  

روى ابن عبد البر في الانتقاء عن أبي حنيفة قال: (سمعت أبا حنيفة يقول: أخذ بكتاب الله فما لم أجد فبسنة رسول اللہ ﷺ فما لم أجد في كتاب الله ولا في سنة رسول اللہ ﷺ أخذت بقول أصحابه).

وقد أُشيع عن الإمام أنه يخالف حديث رسول اللہ ﷺ فيقدم الرأي والقياس على السنة فنفى الإمام عن نفسه هذه التهمة حيث قال: (كذب والله وافترى علينا من يقول أننا نُقدم القياس على النص وهل يحتاج بعد النص إلى قياس).

ذكـر ابـن حـزم في الأحكـام أنّ أبـا حنيفـة قـال: (الخبـر المـرسـل والضعيـف عـن رسـول اللہ ﷺ أولـى مـن القيـاس ولا يـحـل القيـاس مـع وجوده)

° مِحن الإمام: 

لقد أُصيب الإمام أبي حنيفة بالعديد من المحن وتعرض للكثير من الأذى سنذكر محنة منهم.. 

كانت أيام الخليفة مروان بن محمد الأموي حينما احتل الخوارج الكوفة بقيادة الضحاك بن قيس الشيباني.. دخل الضحاك على الإمام وطلب منه أن يتوب، فقال له الإمام: مم أتوب؟ وأعاد عليه أن يتوب فقال له الإمام مم أتوب؟ قال له بسبب موافقتك على التحكيم بين معاوية وعلي،

قال له الإمام: هل لك أنت تناظرني؟ قال له: نعم، قال له الإمام: إذا اختلفنا فمن تجعل بيننا حاكمًا، قال له: فلانًا، قال له الإمام: إذًا فأنت رضيت بالتحكيم فانقطع الضحاك ولم يتكلم. 

قال المحدث الفقيه "علي القارئ" أن الخوارج هم الذين كفروا "على"وبعض الصحابه وقاتلوهم. 

 

إقرأ أيضًا/|شمس مصر|.. أشجار السماء العملاقة

 

° مؤلفات الإمام أبو الحنيفة النعمان وأسباب قِلتها:

ألّف في علم الكلام الفقه الأكبر والفقه الأوسط وكتاب العالِم والمتعلم وكتاب الرسالة إلى مقاتل بن سليمان صاحب التفسير، وكتاب الرسالة إلى عثمان البتى فقيه البصرة، وكتاب الوصية وأملى وكتب أحاديث رسول الله صلّ الله عليه وسلم، وقد أملى كتاب الآثار، وقد أصدر مجلده الأول كما ألّف في الفقه وأصوله، وهو أول من وضع كتابًا في الفرائض وأول من وضع كتابًا في الشروط.

ـ ويذكر في مؤلفات الأقدمين من كتب أبي حنيفة (كتاب الرأي) وكتاب(اختلاف الصحابة) و(كتاب الجامع) ذكره العباس بن مصعب في (تاريخ مرو) و(كتاب السير) و(كتاب الرد على القدرية). 

° أسباب قِلتها: 

* ‏يرجع سبب قِلة مؤلفاته أن عصر أبي حنيفة لم يكن عصر تأليف وتدوين بالمعنى المعروف فيما بعد، حيث كان أبو حنيفة يخلو إلى نفسه فيكتب أو يملي الأشياء الكثيرة وبذلك لم يُفرغ نفسه للتأليف والإملاء والتدريس شغله عن التأليف وهو أيضًا مرجع طلاب العلم وشداته، لذلك لم يكن لأبي حنيفة مؤلفات كثيرة تتناسب مع مكانته العلمية العظيمة.

° ثناء العلماء له وتبشير النبي صلّ الله عليه وسلم به: 

قال وكيع بن الجراح وهو شيخ الإمام الشافعي: ( كان أبو حنيفة عظيم الأمانة وكان يؤثر رضا الله تعالى على كل شيء ولو أخذته السيوف في الله تعالى لاحتملها) 

• وقال الإمام الشافعي: سئل مالك بن أنس: (هل رأيت أبا حنيفة وناظرته؟»، فقال: «نعم، رأيت رجلًا لو نظر إلى هذه السارية وهي من حجارة، فقال إنها من ذهب لقام بحجته)

• قال عبد الله بن المبارك رأيت أعبد الناس ورأيت أورع الناس ورأيت أعلم الناس ورأيت أفقه الناس، فأما أعبد الناس فعبد العزيز بن أبي رواد وأما أورع الناس فالفضيل بن عياض وأما أعلم الناس فسفيان الثوري وأما أفقه الناس فأبو حنيفة ثم قال: ما رأيت في الفقه مثله.

• تبشير النبي محمد به

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ( لو كان العلم بالثريا لتناوله رجال من أبناء فارس) 

 

إقرأ أيضًا/|شمس مصر|.. لمحة من حياة عمر بن عبد العزيز

 

° إنتشار مذهب الإمام ابي حنيفة النعمان:

كان الإمام صادقًا مع الله في أخذ العلم وبذله مخلصًا لله تعالى في تبليغ الفقه والعلم إلى الناس في كل صقع ومكان.

انتشر مذهبه من المشرق في الكوفة إلى سائر العراق وفارس والأفغان وباكستان والهند والصين واليابان وتركستان والشام ومصر والمغرب والأندلس وأوروبا كلها من شمالها إلى جنوبها من القوقاز وبولندا وبلغاريا والنمساء وتركيا واليونان وأخذت به دول خلافة وحكومات.. فأصبح مذهب الخلافة العباسية من أيام هارون الرشيد وكان مذهب آل الليث والسلاجقة والظواهر الغزنوية ثم الدول العثمانية التي عاشت في قلب أوروبا ستمائة سنة ترفع راية الإسلام في عزة.

• ذكر الشيخ عبد الوهاب الحافظ أن الإفتاء استمر بالشام سبعمائة سنة للمذهب الحنفي حتى جاء المفتي الحالي، وهو شافعي المذهب

وقال العلامة ابن عابدين: أن الدولة العباسية وإن كان مذهبهم مذهب جدهم فأكتر قُضاتها ومشايخ إسلامها حنفية.

° وفاته:

لم يتم الاتفاق على السنة التي توفي فيها الإمام.. فقيل أنه أودت به الْمَنِّيَّة في شهر رجب، ويُقال في شعبان، وذكر أنه توفي في جماد الأول سنة 150هـ أو سنة 151هـ، وذكر في بعض الكُتب سنة 153هـ، وقيل توفي في اليوم الذي وُلد فيه الإمام الشافعي، توفي في بغداد بالعراق ودفن في جامع الإمام الأعظم ببغداد.

 

إقرأ أيضًا/|شمس مصر|.. حياة المهاتما غاندي