12:00 | 12 مايو 2017
رئيس مجلس الإدارة
الإشراف العام
محمد عشماوي
رئيس التحرير
منى الطراوي

|شمس مصر|.. عودة الملكية في فرنسا

2022/02/16 12:27 AM | المشاهدات: 523


|شمس مصر|.. عودة الملكية في فرنسا
منار سعيد

الملكية الفرنسية كانت أنجح الملكيات المستبدة بأوربا ، وكانت مثار حسد عدد جم من البلاطات المتنافسة أو الصغرى ، كما كانت . مثالها المحتذى . ولكنها لم تزدهر إلا على أساس من الظلم والطغيان أفضى إلى ما أصابها من انهيار مسرحي هائل . أجل إنها اتصفت بالذكاء والشجاعة والعدوان . ولكنها فرطت في حياة من بها من العامة وكيانهم . وكان رجال الدين والنبلاء بمأمن من الضرائب بسبب القوانين التي تعفيهم والقائها على عواتق 

الطبقتين الوسطى والدنيا ، وكانت الضرائب تسحق الفلاحين سحقا ، وكان النبلاء يتسلطون على الطبقات الوسطى ويستذلونها .

 

اقرا ايضًا/|شمس مصر|... مقر سلاطين الدولة العثمانية

 

لم تلبث تلك الملكية العظمى أن لقت نفسها مفلسة خاوية الوفاض في 1787 • وإن اضطرت إلى استدعاء ممثلى الطبقات المختلفة بالمملكة لتشاورهم في أمر مشكلات نقس الإيرادات وشدة زيادة المصروفات ، واجتمع مجلس طبقات الأمة بارسات في ۱۷۸۹ ، وهو مجلس من النبلاء ورجال، الدين والعامة بمائل إلى حدما الصورة الأولى للبرلمان الإنجليزي ولم يعتقد ذلك المجلس منذ 1610 ، وهي فترة من الزمن كانت تحكم فرنسا في أثنائها ملكية مطلقة . فلما انعقد آنذاك أصبح للناس وسيلة تتحدث عن تذمرهم القوى المديد الأجل وسرعان ما نشبت الخلافات بين الطبقات الثلاث ، بسبب إصرار الطبقة الثالثة وهي العامة على الهيمنة على المجلس ، وكانت للعامة الغلبة في هذه المنازعات، فتحول مجلس طبقات الأمة إلى جمعية وطنية واضحة العزم على إلزام التاج بالنظام ، مثلما ألزم

البرلمان البريطاني التاج البريطاني حدود النظام ، وتهيأ الملك لويس السادس عشر للكفاح واستحضر الجند من الأقاليم ، فثارت عند ذلك باريس وفرنسا .

كان انهيار الملكية المستبدة سريعا جدا ، فهدم سكان باريس سجن الباستيل الجهم القبيح الصورة، وسرعان ما انتشرت الفتن بكل أرجاء فرنسا وامتدت أيدى الفلاحين في الشرق والشمال الغربي إلى كثير من قصور النبلاء فأحرقتها ، ومزقت براءات القابهم بكل عناية ، كما قتل أصحابها وطردوا شر طردة ، فلم ينقض شهر واحد حتى انهار نظام الأرستقراطية القديم الناخر ، واضطر إلى الفرار إلى خارج البلاد كثير من كبار الأمراء ومن رجال البلاط من حزب الملكة . وأقيمت بباريس ومعظم المدن الكبيرة الأخرى حكومة مؤقتة المدينة ، وأنشأت حكومات البلديات هذه قوة مسلحة جديدة هي الحرس الوطني ، وهي قوة مسلمة أنشئت أولا وقبل كل شيء لمقاومة قوات التاج، ونظرت الجمعية الوطنية حولها ، وإذا هي تستدعى لإيجاد نظام سیاسی واجتماعي جديد لعهد جديد 

 

اقرا ايضًا/|شمس مصر|... المسجد الأكثر شهرة في أسطنبول بقلم لميس مصطفي

 

كان القيام بهذا الأمر مهمة شاقة أرهقت قوة تلك الجامعية ، وهكذا تخلت فرنسا من أهم ما كان يبهظها من مظالم الحكم المطلق المستبد ، وألغت الاعفاء من الضرائب والرق ( موالى الأرض ) وألقاب الأرستقراطية وامتيازاتها ، وحاولت أن تقيم في باريس ملكية دستورية ، فغادر الملك فرساي وأبهتها ، وعاش عيشة متواضعة بقصر صرح التويلري بباريس .

ومرت سنتان زعم الناس خلالها أن الجمعية الوطنية ستستمر في كفاحها حتى تنشي حكومة قوية ذات طابع عصرى ، فأنتجت أشياء كثيرة صائبة دامت إلى يومنا هذا وإن كان كثير من إنتاجها بجاريا لم يكن بد من نقضه .

على أن كثيرا مما أنتجت لم يكن له أي أثر ، فراحت الجمعية تصفى قانون العقوبات وتنقيه من الشوائب ، وألغت التعذيب والحبس التعسفي والاضطهاد بسبب الزندقة وحلت ثمانون مديرية محل ولايات فرنسا القديمة كنور ماندی وبرغندي وامثالهما وفتح باب الترقية إلى أعلى رتب الجيش لكل طبقات الأمة ، وأنشىء نظام المحاكم ممتاز وبسيط ، وإن أفسد قيمته كثيرا جعل تعيين القاضي فيها بالانتخاب العام إلى مدة قصيرة من الزمن . فكأن الجمهور قد أصبح بذلك ضربا من محكمة استئناف نهائية عليا 

اقرأ ايضًا/|شمس مصر|... أشهر القلاع التركية الشامخة

 

كماصار القضاة كأعضاء الجمعية الوطنية مضطرين إلى أن يتعلقوا الجمهور ويسعوا إلى رضاه واستولت الدولة على ممتلكات الكنيسة الضخمة وتولت إدارتها بنفسها ، وحلت جميع المؤسسات الدينية التي تعمل في غير التعليم أو البر والإحسان ، وأصبح الشعب هو الذي يتحمل مرتبات رجال الدين ولم يكن في ذلك مضرة بالطبقة الدنيا من رجال الدين الفرنسيين ، الدين كثيرا ما صغرت مرتباتهم بصورة فاضحة بالنسبة لكبار رجال الدين الأثرياء . وزيادة على ذلك أصبح تعيين القساوسة والأساقنة بالانتخاب ، وكان ذلك ضربة عنيفة أصابت في الصميم فكرة الكنيسة الكاثوليكية التي نتجه فيها السلطات المركزة في يد البابا والكرادلة من أعلى إلى أسفل والواقع الذي لاشك فيه أن الجمعية الوطنية شاءت أن تحول بضربة واحدة الكنيسة الفرنسية إلى طريق البروتستنتية من حيث التنظيم إن لم يكن من حيث المذهب ونشبت المنازعات في كل مكان بين قساوسة الدولة الذين أنشأتهم الجمعية الوطنية وبين رجال الدين الخارجين عليها (الذين أبوا أن يقسموا يمين الولاء ) والذين ظلوا على ولائهم لروماوفي 1791 انتهت على حين بغتة تجربة الملكية الدستورية بفرنسا بما فعله الملك والملكة حين تآمرا مع أصدقائهما الأرستقراطين والملكيين في الخارج . وتجمعت الجيوش الأجنبية على الحدود الشرقية ، وانسل الملك والملكة وأطفالها في إحدى ليالى شهر يونيه من قصر النوباري فارين للانضمام إلى الأجانب والمنفيين الأرستقراطيين . فقبض عليهم في فارن وأعيدوا إلى باريس ؛ وعندئذ اشتعلت فرنسا كلها بلهيب النزعة القومية الجمهورية وأعلنت الجمهورية على الفور ، واندلع لهيب الحرب بين الفرنسيس والنمسا وبروسيا ، وحوكم الملك وقطعت رأسه ( يناير 1793 ) بتهمة خيانة شعبه ، على نفس النسق اللى استنته إنجلتره من قبل

هنا بدأ طور غريب في التاريخ الفرنسي إذ تأجيج لهيب عظيم من الحماسة لفرنسا والجمهورية وأحس الناس أن لابدلهم من القضاء على كل تسامح في الداخل وكل صلح الأعداء في الخارج ، فكان لابد في الداخل من استئصال شأفة الملكيين وكل شكل من أشكال عدم الولاء، وكان لا بدافر نسا من أن تحمى في الخارج كل حركة ثورية وتقدم لها العون ، ورات فرنسا أن لابد لأوربا بأكملها(بل العالم كله) أن تعتنق النظام الجمهوري ، وتدفق شباب فرنسا إلى جيوش الجمهورية ، وانتشر في طول البلاد وعرضها نشيد جديد عجيب هو المارسلييز الذي لا يزال يلهب الدماء في العروق فانهارت الجيوش الأجنبية